عائض القرني -- من كتاب لا تحزن

عائض القرني

  * لا تحزن على من كان يكرر على مسمعك شهادات الزور مثل: «يا حبيبنا، يفديك العمر، نفسي لنفسك الفداء، وفديت روحك...» إلى آخر قائمة الدجل، ثم لما واجهتك الشدائد باعك بأرخص الأثمان.
* لا تحزن على من عاهدك على الصدق والوفاء والتضحية ثم ضحى بك لأن في كلامه ضميرا مستترا تقديره «أنت الضحية»، بل الضحية هو والله؛ لأنه كذب وصدقت وخان ووفيت.
* لا تحزن على من أطلعته على أسرارك ونثرت له أخبارك ثم أخذها أسلحة في يده يهددك بها.
* لا تحزن لأن الله معك وليس معه؛ لأنك صادق أمين وهو خائن أثيم.
* لا تحزن على من باعك بصفقة تجارية أو منفعة دنيوية، بل افرح لأنك نجوت بروحك وعدت سالما بسيرتك النبيلة.


 

* لا تحزن إذا لم تجد إلا خبز الشعير الجاف الحاف وجيرانك يموتون من التخمة والسمنة، غدا يأكل الدود أجسام الجميع وتبقى الأعمال الصالحة.
* لا تحزن إذا نمت على الرصيف ونام أحبابك على فرش الديباج والحرير في القصور، فغدا يكون قبرك بجوار قبورهم والتصفيات النهائية للإيمان والحسنات. انسَ الأسماء التي مضت والتي تكدر ذكرياتك واكتب على قلبك أسماء ناس تستحق غلاك.. انسَ البشر الذين قسوا والذين جفوا، ومن جديد ابدأ حياتك وكن مع ناس يقولون لك: «العمر ما يسوى من دونك»، لا أحد يستحق أن ترهق تفكيرك به؛ فمن يرِدك لذاتك لن يخذلك أبدا، ومن يحترمك لن يجعل ما بينكما مسرحية لمن أراد الدخول.
* لا تحزن على من جعلك أضحوكة بتهمة الوفاء.
* لا تحزن على من أشعرك بأن طيبتك غباء أمام خبثه.
* لا تحزن على من كان يعني لك الجميع، واكتشفت أنك لا شيء.
* لا تحزن على من استأمنته بكل شيء، وكان أول ما فرط به هو «أنت».
* لا تحزن على من عرف نقاط ضعفك وتفنن في إسقاطك، فلا تحزن، لم تخسره فقد كسبت نفسك أمامه، ابتسم فأنت لم تخسر شيئا.
* لا تحزن على من بنى مجده على حسابك وترقى أو اغتنى عن طريق الوقيعة بك واستغفالك يكفي أنك بريء وأنه آثم شرير.
* لا تحزن إذا كتب أحدهم مقالة سب فيك أو هجاك بقصيدة، فسوف تدخل هذه الإنجازات معه هو في قبره ويجدها في سجله وأنت السعيد لأنه أسهم في تكفير سيئاتك وأهداك حسناته.
* لا تحزن ممن دبر لك مكيدة وأنت نائم، فالله حي قيوم لا ينام، فكيد المخلوق ضعيف وكيد الخالق قوي، فتمسك بحبل الجبار القهار ليقطع حبال خصومك.
* لا تحزن إذا رأيت الأثرياء يلعبون بالمال لعب الأطفال؛ لأنك في مسرحية عابثة اسمها «الحياة الدنيا»، سيسدل الستار عن المشهد الأول لترى المشهد الثاني حسابا، فإما ثواب وإما عقاب.
* لا تحزن على فوت منصب، فأعظم المناصب سجدة خاشعة أو جلسة في الصف الأول من المسجد وذكر حسن وثناء جميل يبقى لك بعد موتك.
* لا تحزن قد يسبقك أحدهم بصفقة تجارية فاجعل أنت الصفقة مع الواحد الأحد ليقال لك ربح البيع في كفالة يتيم أو بناء مسجد أو إطعام جائع أو مساعدة فقير.
* لا تحزن إذا وجدت من يتعمد تحطيمك وإلغاء حضورك وطمس نجاحك، فهذا دليل على اعترافه بك وأنك عنده رقم صعب وقد ضاق بك فصار هو دعاية مجانية لمجدك ينشر فضائلك من دون قصد منه.
* لا تحزن على من أحرق جميلك ونسي معروفك وهجرك وعقك وتنكر لك، وانظر إلى الخليقة العاقة لخالقها والبشرية الجاحدة لمولاها، خلقهم من عدم وأطعمهم من جوع وسخر لهم كل شيء ثم كفر به الكثير وسبوه وشتموه تعالى وتقدس سبحانه.
* إذا سمعت الناس يتضامنون معك بالكلام، هذا يعدك برزق وذاك بنصر وآخر بتضحية من أجلك ورابع بوفاء منقطع النظير لأجل سواد عينيك فاعلم أن هذا كله هراء وهباء ما معك إلا الواحد الأحد جل في علاه.
* لا تحزن على منصب خطير فاتك ووزارة لم تحصل عليها ووظيفة راقية حرمتها، وانظر: أما ترى عروش الزعماء تتساقط؟ أما تشاهد كراسي الرؤساء تتحطم؟ إنها الحياة الدنيا فهل تثق فيها بعد هذا؟
* لا تحزن إذا أغلقت أمامك أبواب الكبار، تعالَ إلى باب العزيز الغفار، فقط توضأ وادخل المحراب فقد وصلت.
* لا تحزن إذا لم يقبلوا ملفك، ارفع الملف وقت السحر واكتب المعروض بدمعك وأرسله مع بريد الاستغفار إلى العرش وانتظر الإجابة.
* لا تحزن إذا لم تُدع في مناسبة ولم تكرَّم في حفل ولم يُحتفَ بك في مهرجان، فقط اجلس مع الأبرار، ليذكرك الواحد القهار، مع الملائكة الأطهار، فهل بعد هذا التكريم من تكريم؟