صَرَمتِ حِبالَكِ بَعدَ وَصلَكِ زَينَبُ


الدنيــــــا ساعـــــــــــــــــة, فاجعلهــــا طاعـــــــــــة
إذا كان ترك الدين يعني تقدما
فيا نفس موتي قبل أن تتقدمي

--------------------------------------------
صَرَمتِ حِبالَكِ بَعدَ وَصلَكِ زَينَبُ ** وَالدَهرُ فيهِ تَصَرُّمٌ وَتَقَلُّبُ

نَشَرَت ذاوئِبَها الَّتي تَزهو بِها ** سوداً وَرَأسُكَ كَالنَعامَةِ أَشيَبُ

وَاِستَنفَرَت لَما رَأَتكَ وَطَالَما ** كانَت تَحِنُّ إِلى لُقاكَ وَتَرهَبُ

وَكَذاكَ وَصلُ الغانِياتِ فَإِنَّهُ ** آلٌ بِبَلقَعَةٍ وَبَرقٍ خُلَّبُ

فَدَعِ الصِبا فَلَقَد عَداكَ زَمانُهُ ** وَاِزهَد فَعُمرُكَ مِنهُ وَلّى الأَطيَبُ

ذَهَبَ الشَبابُ فَما لَهُ مِن عَودَةٍ ** وَأَتى المَشيبُ فَأَينَ مِنهُ المَهرَبُ

ضَيفٌ أَلَمَّ إِلَيكَ لَم تَحفَل بِهِ ** فَتَرى لَهُ أَسَفاً وَدَمعاً يَسكُبُ

دَع عَنكَ ما قَد فاتَ في زَمَنِ الصِبا ** وَاُذكُر ذُنوبَكَ وَاِبكِها يا مُذنِبُ

وَاِخشَ مُناقَشَةَ الحِسابِ فَإِنَّهُ ** لا بُدَّ يُحصي ما جَنَيتَ وَيَكتُبُ

لَم يَنسَهُ المَلَكانِ حينَ نَسيتَهُ ** بَل أَثبَتاهُ وَأَنتَ لاهٍ تَلعَبُ

وَالرُوحُ فيكَ وَديعَةٌ أَودَعتُها ** سَنَرُّدها بِالرَغمِ مِنكَ وَتُسلَبُ

وَغَرورُ دُنياكَ الَّتي تَسعى لَها ** دارٌ حَقيقَتُها مَتاعٌ يَذهَبُ

وَاللَيلَ فَاِعلَم وَالنهارَ كِلاهُما ** أَنفاسُنا فيها تُعَدُّ وَتُحسَبُ

وَجَميعُ ما حَصَّلتَهُ وَجَمَعتَهُ ** حَقّاً يَقيناً بَعدَ مَوتِكَ يُنهَبُ

تَبّاً لِدارٍ لا يَدومُ نَعيمُها ** وَمَشيدُها عَمّا قَليلٍ يُخرَبُ

فَاِسمَع هُديتَ نَصائِحاً أَولاكَها ** بَرٌ لَبيبٌ عاقِلٌ مَتَأَدِّبُ

صَحِبَ الزَمانَ وَأَهلَهُ مُستَبصِراً ** وَرَأى الأُمورَ بِما تَؤوبُ وَتَعقُبُ

أَهدى النَصيحَةَ فَاِتَّعِظ بِمَقالِهِ ** فَهُوَ التَقِيُّ اللَوذَعيُّ الأَدرَبُ

لا تَأمَنِ الدَهرَ الصَروفَ فَإِنَّهُ ** لا زالَ قِدماً لِلرِجالِ يُهذِّبُ

وَكَذَلِكَ الأَيّامُ في غَدَواتِها ** مَرَّت يُذَلُّ لَها الأَعَزُّ الأَنَجَبُ

فَعَلَيكَ تَقوى اللَهِ فَاِلزَمها تَفُز ** إِنَّ التَقِيَّ هُوَ البَهِيُّ الأَهيَبُ

وَاِعمَل لِطاعَتِهِ تَنَل مِنهُ الرِضا ** إِنَّ المُطيعَ لِرَبِّه لَمُقَرَّبُ

فَاِقنَع فَفي بَعضِ القَناعَةِ راحَةٌ ** وَاليَأسُ مِمّا فاتَ فَهوَ المَطلَبُ

وَإِذا طَمِعتَ كُسيتَ ثَوبَ مَذَلَّةٍ ** فَلَقَد كُسِي ثَوبَ المَذَلَةِ أَشعَبُ

وَتَوَقَّ مِن غَدرِ النِساءِ خِيانَةً ** فَجَميعُهُنَ مَكائِدٌ لَكَ تُنصَبُ

لا تَأَمَنِ الأُنثى حَياتَكَ إِنَّها ** كَالأُفعُوانِ يُراعُ مِنهُ الأَنيَبُ

لا تَأَمَنِ الأُنثى زَمانَكَ كُلَّهُ ** يَوماً وَلَو حَلَفَت يَميناً تَكذِبُ

تُغري بِطيبِ حَديثِها وَكَلامِها ** وَإِذا سَطَت فَهِيَ الثَقيلُ الأَشطَبُ

وَاَلقَ عَدُوَّكَ بِالتَحِيَةِ لا تَكُن ** مِنهُ زَمانَكَ خائِفاً تَتَرَقَّبُ

وَاِحذَرهُ يَوماً إِن أَتى لَكَ باسِماً ** فَاللّيثُ يَبدو نابُهُ إِذ يَغضَبُ

إِنَّ الحَقودَ وَإِن تَقادَمَ عَهدُهُ ** فَالحِقدُ باقٍ في الصُدورِ مُغَيَّبُ

وَإِذا الصَديقَ رَأَيتَهُ مُتَعَلِّقاً ** فَهوَ العَدُوُّ وَحَقُّهُ يُتَجَنَّبُ

لا خَيرَ في وُدِّ اِمرِئٍ مُتَمَلِّقٍ ** حُلوِ اللِسانِ وَقَلبُهُ يَتَلَّهَبُ

يَلقاكَ يَحلِفُ أَنَّهُ بِكَ واثِقٌ ** وَإِذا تَوارى عَنكَ فَهوَ العَقرَبُ

يُعطيكَ مِن طَرَفِ اللِسانِ حَلاوَةً ** وَيَروغُ مِنكَ كَما يَروغُ الثَعلَبُ

وَاِختَر قَرينَكَ وَاِصطَفيهِ تَفاخُراً ** إِنَّ القَرينَ إِلى المُقارَنِ يُنسَبُ

إِنَّ الغَنِيَّ مِنَ الرِجالِ مُكَرَّمٌ ** وَتَراهُ يُرجى ما لَدَيهِ وَيُرهَبُ

وَيَبُشُّ بِالتَرحيبِ عِندَ قُدومِهِ ** وَيُقامُ عِندَ سَلامِهِ وَيُقَرَّبُ

وَالفَقرُ شَينٌ لِلرِجالِ فَإِنَّهُ ** يُزري بِهِ الشَهمُ الأَديبُ الأَنسَبُ

وَاِخفِض جَناحَكَ لِلأَقارِبِ كِلِّهِم ** بِتَذَلُّلٍ وَاِسمَح لَهُم إِن أَذنَبوا

وَدَعِ الكَذوبَ فَلا يَكُن لَكَ صاحِباً ** إِنَّ الكَذوبَ لَبِئسَ خِلاً يُصحَبُ

وَذَرِ الَحسودَ وَلَو صَفا لَكَ مَرَّةً ** أَبعِدهُ عَن رُؤياكَ لا يُستَجلَبُ

وَزِنِ الكَلامَ إِذا نَطَقتَ وَلا تَكُن ** ثَرثارَةً في كُلِّ نادٍ تَخطُبُ

وَاِحفَظ لِسانَكَ وَاِحتَرِز مِن لَفظِهِ ** فَالمَرءُ يَسلَمُ بِاللِسانِ وَيُعطَبُ

وَالسِرَّ فَاِكتُمهُ وَلا تَنطِق بِهِ ** فَهوَ الأَسيرُ لَدَيكَ إِذ لا يُنشَبُ

وَاِحرِص عَلى حِفظِ القُلوبِ مِنَ الأَذى ** فَرُجوعُها بَعدَ التَنافُرِ يَصعُبُ

إِنَّ القُلوبَ إِذا تَنافَرَ وُدُّها ** شِبهَ الزُجاجَةِ كَسرُها لا يُشعَبُ

وَكَذاكَ سِرُّ المَرءِ إِن لَم يَطوِهِ ** نَشَرَتهُ أَلسِنَةٌ تَزيدُ وَتَكذِبُ

لا تَحرِصَنَّ فَالحِرصُ لَيسَ بِزائِدٍ ** في الرِزقِ بَل يَشقى الحَريصُ وَيَتعَبُ

وَيَظَلُّ مَلهوفاً يَرومُ تَحَيُّلاً ** وَالرِزقُ لَيسَ بِحيلَةٍ يُستَجلَبُ

كَم عاجِزٍ في الناسِ يُؤتى رِزقَهُ ** رَغداً وَيُحرَمُ كَيِّسٌ وَيَخيَّبُ

أَدِّ الأَمانَةَ وَالخيانَةَ فَاِجتَنِب ** وَاِعدِل وَلا تَظلِم يَطيبُ المَكسَبُ

وِإِذا بُليتَ بِنَكبَةٍ فَاِصبِر لَها ** مَن ذا رَأَيتَ مُسلِّماً لا يُنكَبُ

وَإِذا أَصابَكَ في زَمانِكَ شِدَّةٌ ** وَأَصابَكَ الخَطبُ الكَريهُ الأَصعَبُ

فَاِدعُ لِرَبِّكَ إِنَّهُ أَدنى لِمَن ** يَدعوهُ مِن حَبلِ الوَريدِ وَأَقرَبُ

كُن ما اِستَطَعتَ عَنِ الأَنامِ بِمَعزِلٍ ** إِنَّ الكَثيرَ مِنَ الوَرى لا يُصحَبُ

وَاَجعَل جَليسَكَ سَيِّداً تَحظى بِهِ ** حَبرٌ لَبيبٌ عاقِلٌ مُتَأَدِّبُ

وَاِحذَر مِن المَظلومِ سَهماً صائِباً ** وَاِعلَم بِأَنَّ دُعاءَهُ لا يُحجَبُ

وَإِذا رَأَيتَ الرِزقَ ضاقَ بِبَلدَةٍ ** وَخَشيتَ فيها أَن يَضيقَ المَكسَبُ

فَاِرحَل فَأَرضُ اللَهِ واسِعَةُ الفَضا ** طُولاً وَعَرضاً شَرقُها وَالمَغرِبُ

فَلَقَد نَصَحتُكَ إِن قَبِلتَ نَصيحَتي ** فَالنُصحُ أَغلى ما يُباعُ وَيُوهَبُ

خُذها إِلَيكَ قَصيدَةً مَنظومَةً ** جاءَت كَنَظمِ الدُرِ بَل هِيَ أَعجَبُ

حِكَمٌ وَآدابٌ وَجُلُّ مَواعِظٍ ** أَمثالُها لِذَوي البَصائِرِ تُكتَبُ

فَاِصغِ لِوَعظِ قَصيدَةٍ أَولاكَها ** طَودُ العُلومِ الشامِخاتِ الأَهيَبُ

أَعني عَلِيّاً وَاِبنُ عَمِّ مُحَمَّدٍ ** مَن نالَهُ الشَرَفُ الرَفيعُ الأَنسَبُ

يا رَبِّ صَلِّ عَلى النَبِيِّ وَآلِهِ ** عَدَدَ الخَلائِقِ حَصرُها لا يُحسَبُ